“غراء عظمي” صيني يُعالِج الكسور في ثلاث دقائق: ابتكار قد يُغيّر وجه جراحة العظام
بقلم: فريق التحرير | تاريخ النشر: 15 سبتمبر 2025
مقدمة: الحاجة إلى بدائل للزرعات المعدنية
لقد ظلت جراحة العظام تعتمد منذ عقود على زرع الصفائح والمسامير المعدنية لتثبيت الكسور، خاصة في الحالات التي تنكسر فيها العظام أو تتفتّت شظاياها. هذه الإجراءات عادة ما تكون معقدة، تؤدي إلى شقوق جراحية كبيرة، وأوقات تعافي طويلة، وقد تتطلب إزالة الزرعات بعد التئام العظم. مع التطور المستمر في المواد والعلاجات الطبية، برزت فكرة استخدام مواد لاصقة حيوية لتثبيت العظام، الأمر الذي لم يتحقّق عملياً حتى الآن بأداء ممتاز ومستوى سلامة عالٍ.
ما هو “Bone-02”: الغراء الجديد
في مقاطعة تشيجيانغ شرق الصين، أعلن فريق بحث برئاسة الدكتور لين شيانفِنغ عن تطوير غراء عظمي طبي يُدعى Bone-02. 0 هذا الغراء لا يعمل كمجرَّد مادة لاصقة فحسب، بل يستلهم تصميمَه من الطريقة التي يلتصق بها المحار (oysters) بالجسور المغمورة بالماء، حيث يستطيع الثبات والتماسك حتى في بيئات مبللة وغنية بالدم. 1
كيف يعمل Bone-02 وما مميزاته
- سرعة الأداء: يمكن ثبْت العظام وشظاياها خلال ثلاث دقائق تقريباً، أو أقل، حسب التجربة. 2
- العمل تحت ظروف صعبة: حتى في بيئة غنية بالدم والرطوبة، يحتفظ الغراء بفعاليته ودقته. 3
- الامتصاص البيولوجي: يُمتَص الغراء طبيعياً داخل الجسم أثناء عملية التئام العظم، ما يقلّل الحاجة لعملية ثانية لإزالة الزرعات المعدنية. 4
- الخصائص الميكانيكية: اختبارات مختبرية أظهرت أن الغراء يمتلك قدرة ربط قوية تفوق 400 رطل تقريباً، وقوة قص (Shear) نحو 0.5 ميغاباسكال، وقوة ضغط تقريباً 10 ميغاباسكال. 5
- إمكانية تقليل المضاعفات: بصفتِه مادة غير معدنية وقد تُمتص من الجسم، فإن خطر العدوى، الرفض المناعي، أو المضاعفات الناتجة عن وجود زرعات خارجية قد ينخفض بشكل كبير. 6
التجارب السريرية والنتائج حتى الآن
لقد خضعت مادة Bone-02 لتجارب على أكثر من 150 مريضاً وقد أظهرت في هذه التجارب نتائج مشجعة من حيث السلامة والفعالية. 7 في إحدى التجارب، نجح الفريق في إتمام تثبيت الكسر بأقل من ثلاث دقائق، بينما الطرق التقليدية تستغرق وقتاً أطول بكثير، مع شق جراحي كبير وزرع لوحات ومسامير فولاذية. 8
التحديات التي لا تزال قائمة
على الرغم من الإشادات، هناك عدد من التحديات الواجب التعامل معها قبل أن ينتشر استخدام “Bone-02” كمكوّن أساسي في جراحات العظام على نطاق واسع:
- تأكيد التوافق الحيوي الكامل على المدى البعيد، أي التأكد من أن المادة لا تُحدث تفاعلات سامة أو مناعية لدى المريض بعد سنوات من الاستخدام. 9
- ضمان أن القوة الميكانيكية تتحمّل الضغوط الكبيرة في العظام الثقيلة أو الكبيرة، خصوصاً عند الحركة أو الوزن الزائد. 10
- إمكانية الإنتاج على نطاق تجاري بكلفة معقولة، وتوزيعها في المستشفيات مع تجهيزات الاستخدام الآمن.
- إجراءات الترخيص الطبي في الدول المختلفة، إذ يجب أن تحصل الموافقات من الهيئات الصحية بعد اختبارات إضافية سريرية طويلة الأمد.
مقارنة بين Bone-02 والزراعات المعدنية التقليدية
الخاصية | الطرق التقليدية (الصفائح، المسامير) | Bone-02 |
---|---|---|
مدة العملية الجراحية | ساعات أو الزمن يعتمد على الحالة وتعقيد الكسر | ثلاث دقائق أو أقل في التثبيت |
الحاجة لفتح جراحي كبير | نعم، غالباً يكون الشق كبير لوضع الأجهزة المعدنية | لا، يُحقن أو يُطبَّق مباشرة دون فتح كبير |
المواد المستخدمة | معدن (فولاذ، تيتانيوم)، مسامير، صفائح | مادة لاصقة حيوية تُمتص من الجسم |
المضاعفات المحتملة | عدوى، تأكل العظم، الحاجة لإزالة الزرعات | مخاطر أقل نظرياً، مع تجنُّب عملية إزالة إضافية |
تكلفة التعافي | أطول بسبب الجروح، الألم، الحاجة لزيارات متابعة | أقصر، مع راحة أسرع وتحميل أسرع للمريض |
الأثر المحتمل على الطب والمستقبل
إن نجحت المزيد من الأبحاث والتجارب، فقد يُشكّل هذا الابتكار تغييراً جذرياً في كيفية علاج الكسور المعقَّدة. ستتقلَّص الحاجة للعمليات الكبيرة، وسيصبح الشفاء أسرع، وتقلّ المضاعفات المرتبطة بالزرعات المعدنية. هذا يسهم ليس فقط في تحسين جودة حياة المرضى، بل أيضاً في تقليل التكاليف على الأنظمة الصحية.
كما أن استخدام مواد تُمتص طبيعياً يساعد في تقليل الأضرار الجانبية الطويلة الأمد، ويجعل من الممكن إجراء عمليات في أماكن ذات موارد طبية محدودة إذا توفرت الأدوات الأساسية. ويمكن أن يكون هذا الابتكار مفيداً في الإصابات الناتجة عن حوادث الطرق، الحروب، الكوارث، أو الحالات التي تحتاج إلى علاج سريع وآمن.
خاتمة
يُعدّ غراء Bone-02 خطوة واعدة نحو مستقبل تقل فيه الاعتماد على الزرعات المعدنية التقليدية. إنه ابتكار يمزج بين الطبيعة والتكنولوجيا، يستلهم من المحار ليتمكّن من أداء مهمّته تحت أصعب الظروف. وبالرغم من أن الطريق لا يزال طويلاً لإقرار الاستخدام العام، إلا أن ما تمّ تحقيقه حتى الآن يبشّر بأمل كبير للمرضى والأطباء على حدّ سواء.